أن شبه العمد هو أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجرى مجرى السلاح، سواء كان الهلاك به غالبا كالعصا الكبيرة، أم لم يكن كالعصا الصغيرة، وقد احتجوا على ذلك بالسنة:
١- منها قوله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا""تقدم نصه آنفا" فقد جعل الحديث قتيل السوط والعصا مطلقا شبه عمد، فلم يفرق بين العصا الصغيرة والكبيرة، فتخصيص شبه العمد بالعصا الصغيرة إبطال للإطلاق، وهو لا يجوز، ولأن العصا الكبيرة والصغيرة تساويا في كونهما غير موضوعتين للقتل ولا مستعملتين له؛ إذ لا يمكن الاستعمال على غرة من المقصود قتله، وبالاستعمال على غرة يحصل القتل غالبا، وإذا تساويا والقتل بالعصا الصغيرة شبه عمد، فكذا القتل بالكبيرة يكون شبه عمد.
٢- ومنها ما روي عن أبي هريرة قال: اقتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر قتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقضى "أن دية جنينها غرة -عبد أو وليدة- وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها ومن معه""متفق عليه"، فقد دل الحديث على أن القتل بالمثقل -كالحجر ونحوه- يكون شبه عمد فيه الدية، وليس فيه قصاص.
٣- ومنها ما أخرجه البيهقي من حديث النعمان بن بشير مرفوعا:"كل شيء خطأ إلا السيف، ولكل خطأ أرش"، وفي لفظ:"كل شيء سوى الحديدة خطأ، وكل خطأ أرش".
الرأي الثاني: يرى جمهور الفقهاء "أبو يوسف ومحمد، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، الإمامية" التفريق بين ما يقتل غالبا -كالعصا والحجر الكبيرين- وبين ما لا يقتل إلا نادرًا -كالعصا والحجر الصغيرين-