للفقهاء القائلين بهذا النوع من الجناية رأيان فيمن يتحمل الدية في شبه العمد:
أحدهما: يرى ابن سيرين والزهري والحارث العكلي وابن شبرمة وقتادة وأبو ثور، واختاره أبو بكر من الحنابلة، ورأي للإمامية: أن الدية في شبه العمد تجب في مال القاتل قياسا على القتل عمدا؛ وذلك لأن الدية موجب فعل قصده الجاني، ولا شك أنه قصد الفعل الجنائي كما في القتل عمدا، وإذا كان كذلك لا تتحمل العاقلة الدية هنا كما لا تتحمله في القتل عمدا، وأيضا فإنه الدية الواجبة في شبه العمد هي دية مغلظة فأشبهت دية العمد، ودية العمد لا تتحملها العاقلة، فكذا هذه.
الثاني: يرى الحنفية والشافعية، وظاهر مذهب الحنابلة، والشعبي والنخعي والحكم والثوري وإسحاق وابن المنذر: وجوب الدية في شبه العمد على العاقلة، وقد استدلوا على ذلك بالسنة والقياس:
أما السنة: فقد روي عن أبي هريرة أنه قال: "اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن دية جنينها عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها" متفق عليه، وفي الباب أحاديث أخر تقدمت نصوصها١، وكلها
١ يراجع أحاديث حمل بن مالك، وأبي هريرة، والمغيرة بن شعبة، تقدمت آنفا في أركان شبه العمد.