ومن هنا فإن الخطأ لا يوصف بالخطر ولا بالإباحة، ولا بالحل ولا بالحرمة، ونوضح فيما يلي أنواع الجناية خطأ، ثم ما في معنى الخطأ.
أنواع الخطأ:
الخطأ يتنوع بتنوع أركان العمل الذي أدى إليه، وأي عمل من الأعمال يحتاج إلى أمرين:
أولهما: القصد، وهو أمر باطني؛ لأنه عمل من أعمال القلب لا يمكن معرفته إلا بالقرائن والظروف المحيطة بالعمل.
وثانيهما: فعل الجارحة، وهو ما صدر عن الإنسان من عمل -إيجابي أو سلبي- أدى إلى هذه النتيجة "الموت أو الجرح ... " كالرمي والضرب ونحوهما من الأفعال، فإن اتصل الخطأ بالأول كان خطأ في القصد، وإن اتصل بالثاني كان خطأ في الفعل، وإن اتصل بهما كان خطأ فيهما:
١- الخطأ في القصد: ومثاله أن يرمي شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي، أو يظنه حربيا فإذا هو مسلم، فإن الخطأ هنا واقع في القصد؛ لأن الفعل كان موجها إلى شيء معين فأصاب هذا الشيء، ولم يحدث خطأ في التوجيه كفعل مادي بحت، ولكن الخطأ قد حدث في القصد، فإنه كان يظنه صيدا؛ أي: مباح الدم، فتبين أنه إنسان؛ أي: أنه غير مباح الدم.
فالخطأ في القصد يتحقق حينما يكون الفعل من حيث التوجيه والإصابة بعيدا عن الخطأ، أو نقول: إن الفعل الذي أدى إلى الجناية من حيث كونه عملا ماديا قد تم دون خطأ؛ ولكن الخطأ وقع في القصد والإرادة؛ فقد أراد شيئا مباحا؛ ولكن الظروف خارجة عن إرادته لم يتبين حقيقة ما وجه إليه الرمية فأصاب إنسانا لا يحل له قتله أو الاعتداء عليه.
٢- الخطأ في الفعل: ومثاله أن يرمي صيدا فيخطئ في التوجيه فيصيب آدميا كان قريبا من الصيد، فهنا الفعل كان موجها إلى غرض مباح، وهو