للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يتفقان فيه: هو أن الفاعل في كل من الخطأ والقتل بسبب لم يقصد الجناية بالفعل الذي أدى إليها.

ولما كان بينهما هذا الاختلاف والاتفاق قالوا: إن هذه الجناية ليست خطأ؛ وإنما تجري مجرى الخطأ؛ فأوجبوا فيها الدية على العاقلة، ولم يوجبوا فيها كفارة ولا حرمانا من الميراث، كما سيأتي إيضاحه تفصيلا في موجب الجناية خطأ.

وقد وافقوا على الشروط التي وضعها أصحاب الرأي الثاني لاعتبار هذه الجناية خطأ، فإذا اختل شرط منها انتفت المسئولية، وسقط الضمان١.

الصورة الثالثة: ألا يوجد التعدي في الفعل، وألا يوجد قصد الجناية، وذلك كما لو حفر البئر في ملكه، فمر إنسان أو حيوان فوقع فيها، فإن المالك له الحق في الانتفاع بملكه كيفما شاء، سواء حفر أم بنى في حدود المشروع، فإذا عمل ذلك فإن فعله لا يوصف بالتعدي؛ وإنما الذي يوصف بالتعدي هو ذلك الذي اقتحم عليه ملكه وسار فيه فتردى في البئر أو عطب في الأحجار التي وضعها المالك فيه.. فعنصر التعدي هنا غير موجود، وكذلك في صورتنا، فإن صورتنا هذه لا بد أن يثبت أن قصد الجناية غير موجود، فإذا كان كذلك فإن الفقهاء قد اتفقوا على نفي المسئولية عن الحافر أو واضع الأحجار وما شابه ذلك من الأفعال، وإذا انتفت المسئولية فإنه لا يكون عليه ضمان لا للأنفس ولا للأموال.

الصورة الرابعة: انعدام التعدي في الفعل مع وجود التقصير:

وقد لا يكون التعدي مصاحبا للفعل كما لو حفر بئرا في ملكه، ولكن


١ فتح القدير ج٨، ص٣٣١-٣٣٥، ٣٣٦، ٣٣٧.

<<  <   >  >>