للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمكن يقطع الصلة بين السبب والنتيجة، ويصبح قاتلا لنفسه, وليس على الحافر شيء "وهذا ما صرح به الحنفية والشافعية والحنابلة والزيدية".

وكذا لو كان الوقوع غير مؤثر؛ ولكنه بقي في الحفرة أياما ثم مات جوعا أو عطشا، فلا ضمان على الحافر "كما صرح الحنفية والشافعية".

وكذا لو قصد المجني عليه إيقاع نفسه فيها انتفت المسئولية وسقط الضمان؛ لأنه يعتبر هو القاتل لنفسه.

الرأي الثالث: أن هذه الجناية تجري مجرى الخطأ وليست خطأ -وهو رأي الحنفية، ورأي بعض الحنابلة- وذلك لأن الخطأ والقتل بسبب يختلفان في بعض الوجوه ويتفقان في بعضها؛ فإنهما يختلفان في:

١- أن الفعل الذي أدى إلى الجناية كان فعلا مباحا في ذاته، سواء كان الخطأ في الفعل أو في القصد أو فيهما، أما الفعل الذي أدى إليها في "القتل بسبب" فإنه غير مباح؛ لأنه قام به في مكان لا يحق له أن يفعله فيه، فهو متعد بفعله.

٢- أن الفاعل في القتل الخطأ متهم؛ لاحتمال أنه قصد القتل في الباطن، وأما في القتل بسبب فإنه ليس بقاتل ولا متهم؛ وذلك لأن شبهة التهمة في القتل الخطأ قائمة؛ لأن ادعاء الخطأ مسألة تحتمل القبول والرفض، والبحث والاجتهاد في تعريف حقيقة الفعل الذي أدى إلى القتل أهو خطأ أم عمد؟ لأن النوايا مسألة خفية يتعرف عليها بالمظاهر الخارجية. أما القتل بسبب فإن شبهة التهمة فيه بعيدة؛ لأن حافر البئر لا علم له بأن هذا الشخص سيمر من هذا المكان، وأنه إذا مر سيقع في هذه الحفرة، ولا ينتبه إلى وجودها في طريقه، أما إذا كان يعلم بذلك فإن القصد الجنائي يكون موجودا، وهذه هي الصورة الأولى.

<<  <   >  >>