للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرأي الثاني: أنها تعتبر خطأ، وهو رأي جمهور الفقهاء -المالكية، والشافعية، ورأي عند الحنابلة، والزيدية- وإذا كانت خطأ، فيكون موجبها موجب القتل الخطأ من الكفارة والدية على العاقلة، وإنما كانت الجناية هنا خطأ؛ لأن الفاعل لم يقصد بفعله الجناية، فعدم توافر هذا القصد يجعل الجناية خطأ.

معيار التعدي: يعتبر الإنسان بفعله متعديا إذا توافر في فعله ما يأتي:

أولا: أن يكون هذا القتل قد تم في مكان لا يباح له أن يفعله فيه، وذلك كما لو كان في ملك غيره بغير إذنه، أو في ملك عام كالطريق ونحوه، وإن كان في أرض موات فلا بد أن يكون فعله لمنفعة ولو لعامة الناس، وإلا كان متعديا في فعله "وهذا رأي جمهور الفقهاء"١.

ثانيا: ألا يتعود الناس هذا الفعل في مثل هذا المكان، فلو تعود الناس فعله سقطت المسئولية عن فاعله، ولم يضمن ما تلف بسبب فعله من نفس أو مال "كمال صرح الشافعية والزيدية".

ثالثا: أن تظل صفة التعدي مصاحبة للفعل إلى حين التلف، فلو رضي المالك بإبقاء الفعل، أو ملك الفاعل البقعة زال الضمان "كما صرح الشافعية والحنفية".

رابعا: أن يتصل السبب بالنتيجة؛ بحيث لا يقطع هذا الاتصال أمر آخر يحدث النتيجة؛ كما لو ألقى إنسان شخصا في هذه الحفرة، فإن العقوبة تقع على الملقِي دون الحافر.

وكذا لو تمكن الواقع في الحفرة من الخلاص ولم يخلص نفسه، فإن هذا


١ ذكر ابن قدامة في الشرح الكبير ج٩، ص٣٦٦: "أنه إن حفرها في أرض موات فلا ضمان عليه؛ لأنه غير متعد بحفرها".

<<  <   >  >>