للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الديوان، فلا تتحقق المخالفة، وإنما هو تقرير معنى للنص الوارد، ووجهه أن التحمل من العاقلة كان للتناصر، وقبل وضع الديوان كان التناصر بالقبيلة، كما كان بالحلف وبالولاء وبالعد، وهو أن يعد الرجل من قبيلة، وبعد أن وضع عمر الديوان صار التناصر بالديوان، فصارت عاقلة الرجل أهل ديوانه، وأيضا فإنه لا تؤخذ من النساء والصبيان والمجانين والرقيق١ الدية؛ لأنهم ليسوا من أهل النصرة، مما يؤكد أن فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- معلول بالنصرة، وقد أصبحت النصرة بالديوان٢ فيكون أهل الديوان هم العاقلة، فإن لم يكن القاتل ديوانا، كانت عاقلته قبيلته على حسب ما أوردناه آنفا.

الرأي الثاني: قال جمهور الفقهاء "الشافعية والحنابلة والزيدية والإمامية والظاهرية وكذا المالكية في أحد الرأيين": إن العاقلة هم العصبة، وهم القرابة من قبل الأب، الذكور البالغون العقلاء، الأقرب فالأقرب.

وقد استدلوا بأحاديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- منها ما روى جابر -رضي الله عنه- قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كل بطن عقولة"، ثم كتب: "إنه لا يحل أن يتولى مولى رجل مسلم بغير إذنه" رواه مسلم وأحمد والنسائي.

والحديث يدل على تحريم أن يتولى رجل ما مولى رجل آخر، وليس المراد بقوله: "بغير إذنه" أنه يجوز٣ ذلك مع الإذن، بل المراد التأكيد،


١ سيأتي بيان حكم اشتراك كل طائفة من هؤلاء مع العاقلة عند الفقهاء، وقد اتفقوا على عدم اشتراكهم مع العاقلة، عدا ما قاله الظاهرية من اشتراك الصبيان والمجانين.
٢ بدائع الصنائع ج٧، ص٢٥٦.
٣ راجع نيل الأوطار ج٧، ص٨٠.

<<  <   >  >>