الرأي الثاني: نقل ابن قدامة في الشرح الكبير عن أبي حنيفة أنه يسقط بالموت؛ لأنه خرج عن أهلية الوجوب فأشبه ما لو مات قبل الحول.
الترجيح: أرى رجحان القول بأنه إذا أعسر أو مات أو جن قبل حلول الأجل، وهو آخر الحلول، لا شيء عليه، وحينئذ يحل غيره من العاقلة محله، فإن لم يوجد ضم إلى العاقلة من يقوم بهذا الواجب حسب الأولويات التي قررها الفقهاء، فإن لم يوجد قام بالدفع بيت المال، كما هو رأي الشافعية والحنابلة.
وذلك لأن في القول بإيجابه عليه مع عسره أو بعد موته إجحافا به وضياعا لحق ولي المقتول.
كما أرى رجحان القول بأنه إذا حدث هذا بعد حلول الأجل أنه لا يسقط عنه ما قدر عليه؛ وذلك لأن الحق قد استقر في ذمته، وإذا ثبت في ذمته وجب عليه أداؤه فإن أعسر انتظر يسره، وإن مات أخذ من تركته، وإن جن أخذ من ماله.
ثالثا: تحديد عدد العاقلة:
ويثير هذا البحث سؤالا: هل للعاقلة عدد محدود وضحه الفقهاء؟ وللإجابة عنه نقول: إن بعض الفقهاء حدد عددا معينا للعاقلة، والبعض الآخر لم يحدد، ونوضح ذلك فيما يلي:
الرأي الأول: حدد المالكية عددا معينا للعاقلة فقالوا: إن أقل عدد للعاقلة يلزم ألا ينقص عنه حتى لا يضم إليها غيرهم هو ٧٠٠ سبعمائة.
وقيل: أقل حدها أن تزيد على ألف زيادة بينة كعشرين وقيل أربعة.
فإذا وجدنا هذا العدد في أهل الديوان فلا يضم إليه عصبة الجاني.