٢- قد روى الإمامية أن الإمام محمد الباقر قال: قضى أمير المؤمنين -رضي الله عنه- أنه لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا.
٣- ولأن تحمل العاقلة للتحرز عن للإجحاف ولا إجحاف في القليل، وإنما هو الكثير، والتقدير الفاصل عرف بالسمع.
وهذا التحديد إنما يكون حينما تكون الجناية فيما دون النفس، فأما بدل النفس فتتحمله العاقلة، وإن كان الواجب على العاقلة أقل من نصف العشر، ألا ترى أن القتلة إذا كانوا مائة كانت الدية على عواقلهم، وإن كان نصيب كل واحد منهم مائة درهم؛ لأنها بدل النفس، وكذلك من قتل عبدا قيمته مائة وخمسون درهما، فإنه تتحمله العاقلة.
الرأي الرابع: نقل ابن قدامة المقدسي أن الصحيح عن الشافعي أن العاقلة تحمل الكثير والقليل؛ لأن من حمل الكثير حمل القليل كالجاني في العمد.
وقد يضاف إلى هذا أن الأدلة التي أثبتت تحمل العاقلة الدية عامة ولم تفصل.
الترجيح: ونرى رجحان الرأي الثالث؛ وذلك لما يأتي:
أولا: أن التقدير الذي اعتمد عليه الرأي الأول هو تقدير مبني على استنتاج من النص الوارد في الوصية، أخذ منه اعتبار الثلث كثيرا، وإذا كان كثيرا لا تتحمله العاقلة، وهذا الاستدلال قد يكون قويا إذا لم يرد أثر، وقد ورد هذا الأثر وهو ما روي عن ابن عباس بزيادة:"ولا ما دون أرش الموضحة"، وإن كان الأثر ضعيفا فقد قوي بأمرين؛ أولهما: ما روي عن الإمام محمد الباقر رضي الله عنه، وثانيهما: أنه يحقق المقصود من تحمل العاقلة الدية، وهو التخفيف عن الجاني؛ لأن الثلث -بنص الحديث- كثير.