للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا يحمل منها شيء حتى تبلغ عقل المأمومة.

ولأن مقتضى الأصل وجوب الضمان على الجاني؛ لأن الضمان موجب جنايته ويدل ما أتلفه، فكان عليه كسائر المتلفات والجنايات، وإنما خولف في الثلث فصاعدا تخفيفا عن الجاني؛ لكونه كثيرا يجحف به، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما سأله سعد بن أبي وقاص عما يوصي به: "الثلث والثلث كثير ... " ١، ففيما دونه يبقى على الأصل، ومقتضى الدليل.

فقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الثلث كثيرًا، وإذا كان كثيرا فلا تتحمله العاقلة وتتحمل ما دونه.

الرأي الثاني: قال الزهري: إن العاقلة لا تحمل الثلث فما دونه.

الرأي الثالث: قال الثوري والحنفية والزيدية والإمامية على الأشهر: لا تحمل العاقلة أقل من نصف عشر الدية، وتتحمل نصف العشر فصاعدا.

وقد استدلوا بما يأتي٢:

١- بما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعقل العواقل عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، ولا اعترافا، ولا ما دون أرش الموضحة"، وأرش الموضحة نصف عشر بدل النفس.


١ روي أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءني النبي -صلى الله عليه وسلم- يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا" قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: "لا" قلت: فالثلث، قال: "الثلث، والثلث كثير، أو كبير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
٢ العناية هامش فتح القدير ج٨، ص٤١٢.

<<  <   >  >>