الأولياء عن دم العمد إلى الدية، ويراجع ما نص عليه الحنفية والظاهرية والزيدية١.
التفسير الثاني: وقد فسر ابن عباس والزهري والشعبي والنووي والليث والشافعي والإمامية كون العاقلة لا تحمل الصلح، بأن يدعي عليه القتل فينكره ويصالح المدعى عليه المدعي على مال يدفعه إليه، فإن هذا المال المصالح عليه لا تحمله العاقلة؛ لأنه مال ثبت بمصالحته واختياره فلم تحمله العاقلة كالذي ثبت بإقراره واعترافه، ولأنه لو حملته العاقلة أدى إلى أن يصالح الشخص بمال غيره ويوجب على الغير حقا بقوله.
وقد رجح ابن قدامة المقدسي "الحنبلي" التفسير الثاني، قال:"إنه الأولى؛ لأن التفسير الأولى عمد فيستغنى عنه بذكر العمد"؛ أي: أنه يريد أن يقول: ما دام القتل عمدا فإن العمد لا تحمله العاقلة بنص الأثر: "لا تحمل العاقلة عمدًا ... " أي: لا تحمل ما وجب بالقتل العمد، وحينئذ فقوله:"ولا صلحا" تكون واردة في غير ذلك، وهو ما قلنا.
هـ- ما تحمله العاقلة من الدية:
لما كان الواجب بالجناية من الديات تارة يكون كل الدية، وأخرى يكون نصفها أو أقل أو أكثر حسب كون الجناية واقعة على النفس أو على ما دونها، فهل تتحمل العاقلة ما وجب من الدية قليلا كان أم كثيرًا أم لا؟ اختلف الفقهاء في ذلك إلى أربعة آراء:
الرأي الأول: قال سعيد بن المسيب، وعطاء، ومالك، وإسحاق وعبد العزيز، وعمر بن أبي سلمة: لا تحمل العاقلة ما دون ثلث الدية.
الدليل: وقد استدلوا بما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قضى في الدية
١ الشرح الكبير لابن قدامة ج٩، ص٥٠٤، فتح القدير ج٨، ص٤١٣، والزيلعي ج٦، ص١١٣، المحلى لابن حزم ج١١، ص٥٠، والتاج المذهب ج٤، ص٣٤٣، والمختصر النافع ص٣٢٧.