٣- ولأن محل الجناية مضمون، فيضمن إذا اعترف به كسائر المحال المضمون، وإنما سقطت عنه الدية في محل الوفاق "وهو حالة البينة" لتحمل العاقلة للدية بالنص، فإذا لم تتحملها وجبت عليه كجناية المرتد.
٤- وأما قول للظاهرية "وكذا قول الطخيخي": إنه غير مقر على نفسه فيجب ألا يصدق على العاقلة إلا أنه إذا كان عدلا حلف أولياء القتيل معه، واستحقوا الدية.
هذا القول لنا عليه اعتراضان؛ أولهما: أنه لا يمتنع عقلا أن يكون هناك تواطؤ وأنهم قد يحلفون كذبا، وثانيهما: أن المقر ليس مقرا على غيره، بل هو مقر على نفسه؛ إذ إنه حين يقر إنما يقر بما فعله هو، وهي الجناية، وأما وجوب الدية فهو أمر يرتبه المشرع الحكيم على أثر وقوع الجناية فيجعله إما على الجاني أو على العاقلة، وإذا كان مقرا على نفسه، فحينئذ يكون هو الملزم بما يترتب على إقراره من آثار.. وقد وردت الآثار المبينة لإلزامه بالدية وعدم إلزام العاقلة بها، وهذه الآثار يقويها أنها تتمشى مع القواعد العامة في ضمان إتلاف الأموال وغيرها من المحال المصونة كما ذكرنا آنفا.
إلا أن العاقلة إن صدقته في إقراره كانوا متحملين للدية؛ لأنه في هذه الحالة تنتفي التهمة ويبعد الشك.
د- الصلح عن الجناية:
إذا صالح الجاني ولي الدم على مال، فإما أن يصالحه عن دمه العمد، أو عن غيره، وقد نص الحديث المتقدم على أنه:"لا تحمل العاقلة عمدا ... ولا صلحا" فهل الصلح هو الصلح عن دم العمد، أم الصلح عن غير العمد؟ للفقهاء تفسيرات:
التفسير الأول: فسره القاضي ابن أبي يعلى الحنبلي بأن يصالح