للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوضح حقيقة هذا النوع من العقوبة في أربعة مسائل: الأولى: من يتحمل الكفارة، الثانية: شروط وجوبها، الثالثة: وجوبها على كل المشاركين في القتل، الرابعة: نوع الكفارة.

المسألة الأولى: من يتحمل الكفارة:

اتفق الفقهاء على أن الكفارة تجب في مال القاتل، وقد استدلوا بما يأتي:

١- قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} الآية.

٢- ولأن القاتل قد سلمت له الحياة في الدنيا، وهي من أعظم النعم ورفعت عنه المؤاخذة في الآخرة، مع جواز المؤاخذة؛ وذلك لأنه كان في وسع الخاطئ في الجملة حفظ نفسه عن الوقوع في الخطأ، وهذا أيضا نعمة فكان وجوب الشكر لهذه النعمة موافقا للعقل، فبين الله تعالى مقداره وجنسه بهذه الآية؛ ليقدر العبد على أداء ما وجب عليه من أصل الشكر بتعضيد العقل.

٣- ولأن فعل الخطأ جناية، ولله تعالى المؤاخذة عليه بطريق العدل؛ لأنه مقدور الامتناع عن الوقوع فيه بالتكلف والجهد، وإذا كان جناية فلا بد لها من التكفير والتوبة، فجعلت الكفارة توبة عن القتل الخطأ بمنزلة التوبة الحقيقة في غيره من الجنايات، إلا أنه جعل التحرير أو الصوم توبة له دون التوبة الحقيقة لخفة الجناية بسبب الخطأ؛ إذ الخطأ معفو في الجملة، وجائز العفو عن هذا النوع، فخفت توبته لخفة في الجناية، فكان تحرير الرقبة في هذه الجناية بمنزلة التوبة في سائر الجنايات.

<<  <   >  >>