للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- ولأنه نفس مضمونة بالدية "الغرة" فوجبت في قتلها الكفارة كالكبير.

الرد على أدلة الرأي الأول: وقد ردوا على ما استدل به أصحاب الرأي الأول بأن ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الكفارة لا يمنع وجوبها؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "في النفس مائة من الإبل" ١، فذكر الدية في مواضع ولم يذكر الكفارة ... وإنما لم يذكرها لأن الآية أغنت عن ذكر الكفارة فاكتفى بها.

٣- كما ذكر الشافعية أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قضى بإيجاب الكفارة في قتل الجنين٢.

الترجيح: والرأي الثاني هو الذي أراه راجحا؛ للأدلة التي ذكرت له، ولأن الكفارة وجبت بدلا عن تعطيل حق الله تعالى في نفس القتيل، فإن كان له في نفسه حق، وهو التنعم بالحياة، والتصرف فيما حل له تصرف الأحياء، وكان لله سبحانه فيه حق، وهو أنه كان عبدا من عباده يجب له من اسم العبودية -صغيرا كان أو كبيرا، حرا كان أو عبدا، مسلما كان أو ذميا- ما يتميز به عن البهائم والدواب، ويرتجى مع ذلك أن يكون من نسله من يعبد الله ويطيعه، فلم يخل قاتله من أن يكون فوت منه الاسم الذي ذكرنا، والمعنى الذي وصفنا، فلذلك ضمن القاتل الكفارة.

هـ- اشتراط وقوع الجناية على نفس الغير:

رأينا فيما تقدم أن الفقهاء تناولوا بالبحث الجناية إذا وقعت على نفس الغير، أما إذا وقعت من الإنسان على نفسه، فسيأتي بحث ذلك في موضعه.


١ تقدم حديث عمرو بن حزم في مبحث الدية في القتل العمد.
٢ مغني المحتاج ج٤، ص١٠٨.

<<  <   >  >>