سبق أن بحثنا موجب القتل العمد وشبه العمد، وبينا آراء الفقهاء في إيجاب الكفارة في هذين النوعين من الجناية، ونبين هنا آراءهم في القتل الخطأ، ولما كان للفقهاء تقسيمات لهذا النوع من الجناية -كما سبق أن أوضحنا- وهي: الخطأ المحض، وما جرى مجرى الخطأ، والقتل بسبب، والأولان يعتبران من القتل بالمباشرة، وأما الأخير فيعتبر قتلا بواسطة، وليس قتلا بالمباشرة؛ لذلك رأينا الفقهاء يختلفون في إيجاب الكفارة في النوع الأخير إلى رأيين:
الرأي الأول: يرى الحنفية والزيدية والإمامية: أنه تجب الكفارة إذا تم القتل بالمباشرة كما في الخطأ المحض، وما جرى مجراه، كالنائم ينقلب على غيره، أما القتل بالتسبيب، كحفر البئر في غير ملكه فلا تجب عليه الكفارة؛ لأن الكفارة تجب بالقتل، والقتل معدوم منه حقيقة؛ لأن الحفر ليس بقتل أصلا، وإذا كان كذلك فلا يترتب عليه دية ولا كفارة ولا حرمان من الميراث؛ إلا أنه ألحق بالقتل في حق الضمان "الدية" على خلاف القياس؛ صيانة للدماء عن الهدر، فيبقى في حق وجوب الكفارة والحرمان من الميراث على الأصل١.
الرأي الثاني: يرى المالكية والشافعية والحنابلة: أنه تجب الكفارة في القتل الخطأ، سواء كان بالمباشرة أم بالتسبيب، وذلك قياسا لها على الضمان، فكما أنه يجب الضمان بكليهما، كذلك تجب الكفارة، ولأن هذا الفعل