الرأي الأول: يرى أكثر أهل العلم "ومنهم الحسن وعكرمة، والنخعي والحارث العكلي، والثوري، والحنفية، والمالكية، والشافعية في الأصح، والحنابلة": أنه يلزم كل واحد منهم كفارة؛ لأن الكفارة لا تتبعض، وهي من موجب قتل الآدمي، فكملت في حق كل واحد من المشتركين كالقصاص.
الرأي الثاني: يرى أبو ثور، والأوزاعي فيما حكي عنه، وعلى الصحيح في مذهب الشافعية، ورواية حكاها أبو الخطاب عن الإمام أحمد: أن على الجميع كفارة واحدة؛ وذلك لقوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} و"من" يتناول الواحد والجماعة، ولم يوجب النص إلا كفارة واحدة ودية واحدة، والدية لا تتعدد فكذلك الكفارة، ولأنها كفارة قتل، فلم تتعدد بتعدد القاتلين مع اتحاد المقتول، ككفارة الصيد في الحرم.
وقد أجيب عن أدلة الرأي الثاني بما يأتي:
١- لا يصح قياس الكفارة على الدية في التبعيض؛ لأن الدية بدل عن النفس، وهي واحدة، والكفارة لتكفير القتل، وكل واحد قاتل، ولأن في الكفارة معنى العبادة، والعبادة الواجبة على الجماعة لا تتبعض، فلا تتبعض الكفارة.
٢- وأيضا فإن الكفارة هنا تخالف كفارة الصيد، فإن كفارة الصيد تجب بدلا عن الصيد؛ ولهذا تجب في أبعاضه.
وقد وضح من هذا رجحان هذا الرأي وبخاصة أن الكفارة هي لجبر ما قد يقع الإنسان فيه من تقصير، وما يترتب عليه من ذنب وإثم، وأنها وسيلة إلى إصلاح عَلاقة الإنسان بربه، ومثل ذلك يحرص عليه.