للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

................................................................................................


= وكذلك يخرج شهود القصاص إذا رجعوا بعد قتل المشهود عليه، أو جاء المشهود بقتله حيا أنه لا قصاص عليهم، خلافا للشافعي ... وذلك لأن القتل تسبيبا لا يساوي القتل مباشرة؛ لأن القتل تسبيبا قتل معنى لا صورة، والقتل مباشرة قتل صورة ومعنى، والجزاء قتل مباشرة.
بخلاف الإكراه على القتل؛ لأنه قتل مباشرة؛ لأنه يجعل المكرَه -بفتح الراء- آلة المكرِه -بكسرها- كأنه أخذه وضربه على المكره على قتله، والفعل لمستعمل الآلة، لا الآلة، فكان قتلا مباشرة، ويضمنون الدية لوجود القتل منهم، وهل يرجعون بها على الولي؟؟ خلاف في المذهب، قال أبو حنيفة: لا يرجعون، وقالا: يرجعون.
ولو أوجره "أسقاه" سما فقتله، فهو مسبب، وموجبه الدية على العاقلة لا غير؛ لأنه لم يقتله مباشرة، ولا هو موضوع للقتل؛ ولهذا يختلف باختلاف الطبائع، وإن دفع السم إليه فشربه فلا شيء عليه ولا على عاقلته؛ لأن الشارب هو الذي قتل نفسه، فصار كما إذا تعمد الوقوع في البئر، إلا أن الدفع إليه خديعة فيعزر، يحبس ويضرب ويؤدب ويستغفر ربه؛ لأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدر، وهي الغرور والخديعة.
ولو طين على أحد بيتا حتى مات جوعا أو عطشا لا يضمن شيئا عند أبي حنيفة وعندهما يضمن الدية، وجه قولهما أن الطين الذي عليه تسبب في إهلاكه؛ لأنه لا بقاء للآدمي إلا بالأكل والشرب، فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش عليه يكون إهلاكا له، فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق، ولأبي حنيفة أن الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين، ولا صنع لأحد في الجوع والعطش، بخلاف الحفر، فإنه سبب للوقوع، والحفر حصل عن الحافر، فكان قتلا تسبيبا ...
"ولو غرق إنسانا فمات، أو صاح على وجهه فمات، فلا قود عليه، عند الحنفية، وعليه الدية" "البدائع ج٧، ص٢٣٤، الاختبار ج٣، ص١٥٨، والزيلعي، ج٦، ص١٠١".

<<  <   >  >>