وواضح من هذا التحليل أن الشافعية يجعلون أركان القتل العمد ثلاثة:
أولها: أن يقصد الجاني بجنايته شخصا معينا فيقتله بهذه الجناية، حتى إنه لو قصد ضرب عمرو فأصاب خالدًا، لم يكن القتل عمدا؛ بل يكون خطأ.
ثانيها: أن يقصد الفعل، ولا يشترط قصد القتل على الراجح في المذهب.
ثالثها: أن يرتكب الجاني جنايته بما يقتل غالبا، سواء كان ذلك بالمباشرة، أو التسبب؛ وذلك لأن الفاعل إما أن يقصد عين المجني عليه أو لا يقصده، فإن قصده بالفعل الذي يؤدي إلى الهلاك بلا واسطة فهو المباشرة، وإن أدى إليه بواسطة فهو السبب، وإن لم يقصد عين المجني عليه فهو الشرط، ونوضح كل نوع منهما فيما يلي:
أولهما: أن يكون القتل مباشرة، ويقصد بالمباشرة كل فعل يؤثر في الهلاك ويحصله، ويكون القتل مباشرة إذا وقع بما يقتل غالبًا؛ كما لو ضربه بمجرد كالسلاح وما جرى مجراه في تفريق الأجزاء، أو بمثقل كحجر كبير ونحوه مما يقتل غالبا، وكذلك بما يقتل نادرا إذا وضع في مقتل كغرز إبرة في مقتل كالعين وأصل الأذن والحلق، وتكرار ضرب بعصا صغيرة ونحوها، وأيضا ضرب يقتل المريض دون الصحيح؛ لأن هذا يقتل مثله غالبا، وكذا لو حبسه ومنه الطعام والشراب، فمات جوعا أو عطشا بعد مضي مدة بموت مثله فيها غالبا، كل هذا عمد موجب القصاص.