يرى الظاهرية أن الجريمة عمد أو خطأ ولا ثالث لهما، وأن القتل باعتبار أداة القتل نوعان:
"أحدهما: ما تعمد به المرء مما قد يمات من مثله وقد لا يمات من مثله، قال أبو محمد رضي الله عنه: هذا عمد وفيه القود أو الدية كما في سائر العمد؛ لأنه عدوان، وقال عز وجل:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} .
والثاني: ما تعمد به المرء مما لا يموت أحد أصلا من مثله، فهذا ليس
= في منزله ولم يعلمه به، أما لو وضعه في طعام نفسه أو في ملكه فأكله غيره بغير إذنه فلا ضمان، سواء فقصد بوضعه قتل الكل -كما لو علم دخول الغير داره كاللص- أم لا، أو حفر بئرا بعيدة القعر في طريق أو في بيته بحيث يقتل وقوعها غالبًا، أو قصده ودعا غيره إلى المرور عليها مع جهالته بها، فوقع فمات، أما لو دخل بغير إذنه فوقع فيها فلا ضمان، وإن وضعها لأجل وقوعه، كما لو وضعها اللص، أو ألقاه في البحر فالتقمه حوت إذا قصد إلقام الحوت، أو كان وجوده والتقامه غالبا في ذلك الماء، وإن لم يقصد إلقامه ولا كان غالبا فاتفق ذلك ضمنه أيضا على قول؛ لأن الإلقاء كاف في الضمان، ولو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه التخلص منه ... فلو أمكنه فلا قود؛ لأنه أعلن على نفسه بالتفريط، أو ألقاه إلى أسد بحيث لا يمكنه الفرار ... فقتله، أو أنهشه حية قاتلة فمات ... أو شهد عليه زورا بموجب القصاص، فاقتص منه، إلا أن يعلم الولي التزوير ويباشر القتل فالقصاص عليه؛ لأنه حينئذ قاتل عمدا بغير حق". الروضة البهية ج٢، ص٢٩٧-٢٩٩.