ولما كان هناك مرحلة تسبق الموت، وقد تطول وقد تقصر، فقد تعرض الفقهاء لما يكون منها له حكم الموت، فيكون الاعتداء عليه كالاعتداء على الميت، ومنها ما يكون له حكم الحياة، فيكون الاعتداء عليه كالاعتداء على الحي، وللفقهاء في ذلك تفصيل نرده فيما يلي:
جاء في مغني المحتاج ج٤، ص١٣:"أنه إن جنى شخص على آخر، ثم جنى شخص آخر على الشخص المجني عليه بعد الانتهاء لحركة المذبوح -أي: بعد وصوله إلى الدرجة التي يفقد فيها قدرته على التصرف والتفكير ولا يصبح بينه بين الموت إلا لحظات النزع الأخير- فالأول منهما قاتل؛ لأنه صيره إلى حالة الموت، ويعزر الثاني منهما لهتكه حرمة الميت، كما لو قطع عضوا من ميت".
وقد حدد ابن حزم في المحلى "ج١٠، ص٥١٨، المسألة رقم ٢٠٩٤" الدرجة التي يكون الاعتداء فيها على الإنسان قتلا والتي لا يكون فقال: "فيمن قتل إنسانا يجود بنفسه للموت، قال علي: روينا من طريق أبي بكر بن شيبة، حدثنا يحيى بن أزهر، حدثنا زهير عن جابر عن الشعبي في رجل قتل رجلا قد ذهبت الروح من نصف جسده قال: يضمنه.
قال علي: لا يختلف اثنان من الأئمة كلها في أن من قربت نفسه من الزهوق بعلة أو بحراحة أو بجناية بعمد أو خطأ، فمات له ميت فإنه يرثه. وأنه إن قدر على الكلام فأسلم وكان كافرًا وهو يميز بعد، فإنه مسلم يرثه أهله من المسلمين، وأنه إن عاين وشخص ولم يكن بينه وبين الموت إلا نفس واحد، فمات من أوصى له بوصية، فإنه قد استحق الوصية ويرثها عنه ورثته، فصح أنه حي بعد بلا شك؛ إذ لا يختلف اثنان من أهل الشريعة وغيرهم في أنه ليس إلا حي أو ميت، ولا سبيل إلى قسم ثالث؛ فإذ هو كذلك، وكنا على يقين من أن الله تعالى قد حرم إعجال موته، وغمه، ومنعه النفس، فبيقين وضرورة ندري أن قاتله قاتل نفس بلا شك، فمن قتله في تلك الحال