عمدا، فهو قاتل نفس عمدا، ومن قتله خطأ فهو قاتل خطأ، وعلى العامد القود أو الدية أو المفاداة، وعلى المخطئ الكفارة والدية على عاقلته، وكذلك في أعضائه القود في العمد، وبالله تعالى التوفيق".
وفصَّل ابن قدامة في المغني بين أربع حالات من حالات الجناية على إنسان قارب الموت:
الحالة الأولى:
أن تتم الجناية من اثنين تكون جناية أحدهما لا تبقى معها الحياة، كما لو قطع مريئه أو قطع أحشاءه وأبانها منه، أو ذبحه، ثم جاء الثاني فضرب عنقه.
ففي هذه الحالة يكون القاتل هو الأول؛ لأنه لا يبقى مع جنايته حياة للمجني عليه، فالقود عليه خاصة، وعلى الثاني التعزير، كما لو جنى على ميت، وإن عفا الولي إلى الدية، فهي على الأول وحده.
الحالة الثانية:
أن تكون جناية الأول يجوز معها بقاء الحياة، كما لو شق بطنه من غير إبانة أحشائه، أو قطع طرفه، ثم جاء الثاني فضرب عنقه، فالثاني هو القاتل؛ لأن الأول لم يخرج المجني عليه من حكم الحياة، فيكون الثاني هو المفوت لها، فعليه القصاص في النفس، والدية كاملة إن عفا الولي عنه، ثم ننظر في جناية الأول، فإن كانت موجبة للقصاص -كقطع طرف- فالولي مخير بين قطع طرفه، والعفو على ديته أو العفو مطلقا، وإن كان لا يوجب فعله القصاص -كالجانفة ونحوها- فعليه الأرش، وإنما كان عليه القصاص؛ لأن فعل الثاني قطع سراية جراحه، فصار كالمندمل الذي لا يسري، ويقول قدامة: هذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه مخالفًا.