للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها ويصفيها من الأثرة والأنانية حتى يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه.

ولكنها تقوم على أساس الواقع، وما تعارف الناس عليه من عادات وتقاليد، حتى ولو كان ذلك في الحقيقة والواقع مثلبة من المثالب، ونقيصة من النقائص، يرفضها العقل السليم والنفس السوية، فالزنا لا تعاقب عليه القوانين، إلا إذا أكره أحد الطرفين الآخر، أو كان الزنا بغير رضاه رضاء تامًّا، مع أن أيًّا من مشرعي هذه القوانين يأبَى هذه الجريمة لأمه أو لأخته أو لابنته -حتى لو كانت برضا الطرفين- كما لا يرضاها لابنه ولأخيه ولأبيه، ومن هنا وتحت ظل هذه القوانين انحط المستوى الأخلاقي إلى أدنى دركاته، فسيطر الهوى والغرائز والشهوات على كل التصرفات، وأصبح الصالحون هم الذي يسيرون على نهج ما يمليه عليهم دينهم أو ترشدهم إليه أسرتهم من تعاليم اقتبسوها من دينهم الحنيف، فأصبح الناس في الواقع يتجاذبهم قانونان: قانون وضعي غير راضين عنه، وتشريع سماوي يمتزج بقلوبهم وعقولهم رضًا ومحبة، إيمانًا واعتقادًا، علمًا وعملًا، خلقًا وفلسفة، فهم دائمًا في شوق إلى العمل به، حتى وإن شاءت الظروف إلى تجافيه في بعض الأمور، فإن الضمير والقلب يظل مذكرًا صاحبه حتى يعود إليه.

أنواع الزواجر:

والزواجر ضربان: حد أو تعزير.

فأما الحدود:

-وهي العقوبات المقدرة بالشرع- فهي ضربان: أحدهما ما كان من حقوق الله تعالى، وثانيهما ما كان من حقوق الآدميين، وكل واحد منهما إما أن يكون قد وجب الحد فيه لترك مأمور به أو لفعل محظور.

<<  <   >  >>