الله ما لم يَتُبْ فاعِلُه في الدُّنيا، وحكَموا على مُرتَكِب الكبيرة- إن لم يتب منها- بالخُلود في النار؛ فكفروا بالمعاصي، وأوجبوا الوعيد.
وجاءت المُرْجِئة على نقيضهم فقالوا: إن إيمانَ الفُسَّاق مثل إيمان الأنبياء، وإن الأعمال الصَّالحة ليست من الدِّين والإيمان، وكَذَّبوا بالوعيد والعِقاب.
وكلاهما جانَبَ الحق والصواب وما وُفِّق للجَمْع بين النصوص، وما فَقُه طريق السَّلف الصالح من الصَّحابة ومَن تَبِعهم بإحسان.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمِيَّة -رحمه الله-: «وهم-أهل السُّنَّة- في باب الأسماء والأحكام والوَعْد والوَعِيد وسَطٌ بين الوَعِيدية الذين يَجعلون أهلَ الكبائر من المسلمين مُخلَّدين في النار، ويُخرجونهم من الإيمان بالكُليَّة، ويُكذِّبون بشفاعة النَّبي -صلى الله عليه وسلم-.
وبين المُرْجِئة الذين يقولون: إيمان الفُسَّاق مثل إيمان الأنبياء، والأعمال الصَّالحات ليست من الدِّين والإيمان، ويُكذِّبون بالوعيد والعِقاب بالكُليَّة.
فيُؤمِن أهل السُّنَّة والجَمَاعَة بأن فُسَّاق المسلمين معهم بعضُ الإيمان وأصلُه، وليس معهم جميعُ الإيمان الواجِب الذي يَستوجبون به الجنة، وأنهم لا يُخلَّدون في النار؛ بل يَخرج منها من كان في قلبه مِثقالُ حبَّة من إيمان أو مِثْقال خَرْدَلة من إيمان، وأن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ادَّخَر شفاعَتهُ لأهل الكبائِر من أمَّته» (١).
فأهلُ السُّنَّة والجماعة لا يُوجِبون العذابَ في حقِّ كلِّ مَنْ أتى كبيرةً، ولا يَشهدون لمُسلم بعَيْنِه بالنار لأَجْلِ كبيرةٍ واحدة عَمِلَها، بل