للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجوزُ عندهم أن صاحِبَ الكبيرة يُدخِلُه اللهُ الجنةَ بلا عذابٍ؛ إما لحَسناتٍ تَمْحُو كبيرتَه منه أو من غيره، وإما لمَصائِبَ كفَّرَتْها عنه، وإما لدُعاءٍ مُستَجاب منه أو من غيره فيه، وإما لغير ذلك (١).

فهم بذلك قد توسطوا بين المفرطين من المرجئة الذين قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وبين الوعيدية (الخوارج والمعتزلة)؛ فالخوارج يقولون: هو كافر في الدنيا، والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، ويتفقون على أنه في الآخرة خالد مخلد في النار.

رابعًا: في أسماءِ الإيمان والدِّين:

قال المصنف: «وفي باب أسماءِ الإيمان والدِّين بين الحَرُوريَّة والمُعتَزِلة وبين المُرْجِئة والجَهْمِيَّة».

المراد بالأسماء هنا: أسماء الدِّين مثل؛ الإيمان، والإسلام، والكفر، والفسق. والمراد بالأحكام: أحكام أصحابها في الدنيا والآخرة.

وقد نشأ نزاع قديم بين طوائف الأمة في حقيقة هذه الأسماء، وهل تزيد وتنقص، وهل تتبعض أم لا؟

يقول محمد باكريم: «الخلاف في هذا الباب قديم؛ فهو من أوائل ما حصل فيه النزاع بين الفرق المنتمية إلى الإسلام، وأول من أظهر الخلاف في ذلك وخالف جماعة المسلمين الخوارج، ثم قابلهم المرجئة، ثم خرجت المعتزلة وجاءوا في هذا بما لم يأت به أولئك، والجميع دائر بين إفراط وتفريط.

ولما كان ديدن أهل السنة هو السنة هو التمسك بكتاب الله عز وجل، وسنة


(١) انظر «مَجموع الفَتاوى» (١٢/ ٤٧٩ - ٤٨٣).

<<  <   >  >>