للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والقول بما دلَّا عليه وأَدَّيا إليه؛ فقد جاء قولهم في هذا الباب وسطًا بين إفراط الخوارج وأهل الاعتزال وتفريط أهل الإرجاء» (١).

فالإيمان عند المعتزلة والخوارج: قولٌ وعمل وعقيدة، ولكنه لا يزيد ولا ينقص، وعندهم أن الإنسان إذا ترك واجبًا؛ فإنه يكون خارجًا من الدين.

والمعتزلة لا يدخلونه في الكفر، والخوارج يدخلونه في الكفر ويخرجونه من الدين، أما المعتزلة فهم يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين: لا مؤمن ولا كافر.

فالمعتزلةُ قالوا: إنَّ أصحابَ الكبائرِ لا مُسلمونَ ولا كفارَ، بل هم في منزلةٍ بينَ المَنزلتينِ، واتَّفقوا معَ الخوارجِ في الحكمِ الأُخرويِّ على صاحبِ الكبيرةِ: أنَّهُ مُخَلَّدٌ في النارِ.

وهذه أول بدعة ظهرت في الإسلام، وإنما أحدثوا هذا المُعتقد من سوء فهمهم للقرآن، فلم يقصدوا معارضته، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه؛ فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب (٢).

وأما الإيمان عند المرجئة: فشيءٌ واحد لا يتفاوت، بل إيمان أفسق الناس مثل إيمان جبريل بلا فرق، وإيمان أهل السماء وأهل الأرض عندهم سواء، ولا يكون زائدًا ولا ناقصًا، وأخرجوا جميع الأعمال من الإيمان.

قال المصنف في «مَجموع الفَتاوى»: «تنازَع النَّاس في الأسماء


(١) «وسطية أهل السنة بين الفرق (رسالة دكتوراه)، لمحمد باكريم، (ص ٣٣٣)، دار الراية، الطبعة الأولى، ١٤١٥ هـ -١٩٩٤ م.
(٢) انظر: «مَجموع الفَتاوى» (١٣/ ٣٠).

<<  <   >  >>