للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دلَّ على عُلُوِّ اللهِ على خلقِهِ بذاته- الكتابُ بدلالاتٍ متنوعةٍ، والسُّنَّةُ بدلالاتِهَا الثلاثِ: (القوليَّة، والفعليَّة، والتقريريَّة)، والإجماعِ، والعقلِ، والفطرةِ.

وقالَ العلَّامةُ السّعْدي بعدَ أن أَوْرَدَ كلامَ شيخِ الإسلامِ السابقِ: «في هذا الفصلِ مسألة علو اللهِ واستوائِهِ على عرشِهِ، وأن ذلكَ داخلٌ في الإيمانِ باللهِ، وذلكَ لِمَا حَصَلَ في هذِهِ المسألةِ مِنَ الاختلافِ والمُخَاصماتِ الطويلةِ بينَ أهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ وبينَ طوائِفِ الجهميَّةِ والمُعتزلةِ ومَن تَبِعَهُم في هَذِهِ المَسألةِ مِنَ الأشعريَّةِ ونحوهم.

فإنَّ مَسألةَ العلوِّ صُنِّفَت فيها المُصَنَّفات المُستقلَّة، وأَوْرَدَ فيها أهلُ السُّنَّة ما لا يمكنُ دفعُهُ أو دفع بعضِهِ، وحقَّقوا ذلكَ بالعقلِ الصحيحِ، وأنَّ الفِطَر والعقولَ مُعترفة، بل ومضطرة إلى الإيمانِ بعلوِّ اللهِ إلَّا مَنْ غَيَّرَت فِطَرتَه العقائِدُ الباطِلةُ.

وقد بيَّن المُصَنِّفُ في هذا الموضوعِ الجمعَ بينَ الإيمانِ بعلوِّ اللهِ وإثباتِ مَعِيَّته وعِلْمِهِ المُحيط، وحَقَّقه في كلامٍ واضحٍ مُبَيَّنٍ بالأمثلةِ المُقَرِّبةِ للمعاني بما لا مَزِيدَ علِيهِ» (١).

فصفة العلو صفة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف، بل وثابتة بالفطرة، وثابتة بالعقل.

قال العَلَّامةُ ابنُ القَيِّم -رحمه الله-: «قالَ شيخُ الإسلامِ: وَهَذَا كتابُ اللهِ من أوَّلهِ إلى آخرِهِ، وسُنَّة رسولهِ -صلى الله عليه وسلم-، وعامَّة كلام الصَّحابةِ والتَّابعينَ وكلام سائرِ الأئمَّة مَمْلُوءٌ بما هُوَ نصٌّ أو ظَاهِرٌ في أنَّ اللهَ


(١) «التنبيهات اللطيفة» (ص ٦٥).

<<  <   >  >>