للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد وضع أمير المؤمنين عليٌّ -رضي الله عنه- منهجًا قويمًا في التعامل مع هذه الطائفة، تَمثل هذا المنهج في قوله -رضي الله عنه- للخوارج: « … إلَّا أنَّ لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نَمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نُقاتلكم حتى تُقاتلوا» (١).

وقد التزم لهم أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- إلى أن قتلوا عبد الله بن خَبَّاب بن الأَرَت، وبقروا بطن جاريته؛ فطالبهم -رضي الله عنه- بِقَتَلَته فَأَبَوْا، وقالوا: كلنا قَتَله، وكُلُّنا مُستحل دماكم ودماءهم، فسَلَّ عليهم -رضي الله عنه- سيفَ الحق حتى أبادهم في وقعة النهروان (٢).

ومن منهجه -رضي الله عنه- في التعامل مع الخوارج حال بقائهم في جماعة المسلمين: مُحاورتهم لإزالة الشبهات التي لديهم؛ فقد أرسل إليهم عبد الله بن عباس فحاورهم، وحاورهم هو بنفسه فرجع منهم جَمٌّ غفير.

وبعد قتال أمير المؤمنين عليٍّ -رضي الله عنه- للخوارج- حرص على تحذير الناس من مسلكهم، حتى إنه لما انتهى من النهروان جعل يَمشي بين القتلى ويقول: «بُؤسًا لكم! لقد ضَرَّكم مَنْ غَرَّكم! فقال أصحابه: يا أمير المؤمنين ومَن غَرَّهم؟ قال: الشيطانُ وأنفسٌ بالسُّوء أَمَّارة غَرَّتهم بالأماني، وزَيَّنت لهم المعاصي، ونَبَّأتهم أنهم ظاهرون» (٣).

وأمر إنزال الأحكام على الأنام مِنْ أخطر ما يكون؛ إذ هما حق لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «فإنَّ الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله؛ ليس لأحد


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٧/ ٥٦٢) برقم (٥٦٢).
(٢) انظر: «البداية والنهاية» (١٠/ ٥٨٤).
(٣) انظر: «البداية والنهاية» (٧/ ٢٨٨).

<<  <   >  >>