للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذا حكم، وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه اللهُ ورسولُه؛ وتحريم ما حَرَّمه الله ورسوله، وتصديق ما أخبر الله به ورسوله» (١).

وفي عصرنا الحاضر غَرَّ هؤلاء- أيضًا- مَنْ غَرَّهم بهذا الفكر المنحرف الفاسد الذي ما قاله أهل السنة، وهم يريدون أن يصوروه للناس على أنه منهج السلف، وأنهم سلفية، وأهل السنة والسلفية من ذلك براء.

وكتب أهل السنة موجودة بحمد الله، وفيها أنهم لا يُكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر، كما تفعله الجوارج.

وفاعل الكبيرة وإن وقع فيما يسمى كفرًا إلا أنه كفر دون كفر، وهو كفر عملي أصغر لا يُخرج من الملة.

فقتال المسلم وإن وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكفر في قوله: «سِباب المُسلم فُسوق، وقِتاله كفرٌ» (٢)، إلا أن المراد به: الكفر الأ صغر الذي لا يُخرج من الملة؛ لأ ن الله- عز وجل- قد أثبت أُخوَّة الإ يمان للمؤمنين حال اقتتالهم ونِزاعهم؛ فقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ٩، ١٠]، وكذلك أثبت أخوة الإيمان لمن قتل أخاه المسلم فقال جل وعلا: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨].

ثم قال: «ولا يَسْلِبُونَ الفَاسِقَ المِلِّيَّ الإِسْلَامَ بالكُلِّيَّةِ، ولا


(١) «مجموع الفتاوى» (٥/ ٥٥٤، ٥٥٥).
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٨) ومسلم (٦٤) من حديث عبد الله بن مسعود ?.

<<  <   >  >>