للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُخَلِّدُونَهُ في النَّارِ كما تَقُولُهُ المُعْتَزِلَةُ».

فأهل السنة لا يَسلبون الإيمان من الفاسق من أهل ملة الإسلام، ولا يقولون بخلوده في النار، وإنما يُبقون عليه اسم الإيمان، وإن كان ليس كامل الإيمان، بل هو مؤمن بإيمانه، فاسق بمعصيته.

هذا؛ لأن الدِّين ثلاث دوائر: (الإسلام والإيمان والإحسان).

فأوسع الدوائر الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان، فليس كل مسلم مُحسن، ولكن كل مُحسن مسلم.

ولا نستطيع أن نُخرج الإنسان من الإسلام بعد أن نطق بالشهادتين إلا بموجب ذلك يقينًا، وهو ما يُسَمَّى بأحكام الرِّدة والمرتد، ولها ضوابط معلومة عند أهل العلم.

ولبيان خطورة التكفير بتسرُّع ودون بينة- قال -صلى الله عليه وسلم-: «أيُّما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدُهما، إن كان كما قال، وإلا رجعَت عليه» (١)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: « … ولعن المؤمن كقتلِه، ومَن رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله» (٢).

ولذلك قال أبو بكرة -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قلت: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنَّه كان حريصًا على قتل صاحبه» (٣)؛ فعاقبه على نِيَّته.

فما بالنا بمَن يُكَفِّرون المجتمع بأسره، ويقتلون الصغير


(١) أخرجه البخاري (٦١٠٤) ومسلم (٦٠) واللفظ له، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٤٧) ومسلم (١١٠) من حديث ثابت بن الضحاك ?.
(٣) أخرجه البخاري (٦٨٧٥) ومسلم (٢٨٨٨).

<<  <   >  >>