للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن ما هي عليه، إما بالطعن فيها أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها، وكذلك الإلحاد في أسماء الله يكون بجحد معانيها وحقائقها، وتارةً يكون بإنكار المسمَّى بها، وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها.

فالتَّأْوِيل الباطل هو إلحادٌ وتحريفٌ، وإن سماه أصحابه تحقيقًا وعرفانًا وتأويلًا.

فمِن تأويل التَّحْرِيف والإلحادِ تأويلُ الجهمية قولَه تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، أي: جَرَحَ قلبَه بالحِكم والمعارف تجريحًا.

ومن تحريف اللفظ إعراب قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ} من الرفع إلى النصب، وقال: (وكلَّم اللهَ) أي: موسى كلم اللهَ، ولم يكلمه اللهُ، وهذا من جنس تحريف اليهود، بل أقبح منه، واليهود في هذا الموضع أولى بالحق منهم.

ولما حرَّفها بعضُ الجهمية هذا التَّحْرِيف قال له بعض أهل التوحيد: فكيف تصنعُ بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣]؟! فَبُهِتَ المحرِّف.

ومن هذا أنَّ بعض الفرعونيَّة سأل بعضَ أئمة العربية هل يمكن أن يُقرأ العرش بالرفع في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟ وقصد الفرعونيُّ بهذا التَّحْرِيف أن يكون الاستواء صفة للمخلوق، لا للخالق.

ولو تَيَسَّر لهذا الفرعوني هذا التَّحْرِيف في هذا الموضع لم يتيسر له في سائر الصفات» (١).


(١) «الصواعق المرسلة» (١/ ٢١٥ - ٢١٨).

<<  <   >  >>