للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- معناه: أنهم مع إيمانهم بأن الله ليس كمثله شيءٌ، لا يحملهم ذلك على نفي صفة من صفاته جل وعلا؛ لأنهم يؤمنون بالكتاب كله، لأن القائل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} هو نفسه عز وجل القائل: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، وهو الذي أثبت لنفسه صفات الكمال ونعوت الجلال الدَّالَّة على عظمته وجماله وجلاله.

وأمَّا قوله رحمه الله: «ولا يُلْحِدُونَ في أسمائه وآياته» - فقد أشار به إلى أن أَهْل السُّنَّة والجَمَاعَة من تمام وكمال إيمانهم بالله: أنهم لا يلحدون في أسمائه ولا في آياته.

والإلحاد مأخوذ من المَيل، كما يدل عليه مادته (ل- ح- د)؛ فمنه: اللحد، وهو الشَّق في جانب القبر الذي قد مال عن الوَسط.

ومنه المُلحد في الدين: المائل عن الحقِّ إلى الباطل؛ قال ابن السِّكِّيت: «الملحد: المائل عن الحقِّ المُدخِلُ فيه ما ليس فيه (١).

وقد ذكر المصنف هنا قسمين من الإلحاد:

القسم الأول: الإلحاد في أسماء الله جل جلاله: هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحقِّ الثابت لها؛ قال تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائه سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} - قال الإمام البغوي: «قال أهل المعاني: الإلحاد في أسماء الله: تسميته بما لم يَتَسَمَّ به، ولم ينطق به كتابُ الله ولا سُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-» (٢).

وقال ابن حجر: «قال أهل التفسير: مِنْ الإلحاد في أسمائه: تسميته بما لم يَرد في الكتاب أو السنة الصحيحة» (٣).


(١) «بدائع الفوائد» (١/ ١٦٩).
(٢) «معالم التنزيل» (٣/ ٣٥٧).
(٣) «فتح الباري» (١١/ ٢٢١).

<<  <   >  >>