للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤمنون بذلك» (١).

ولعلَّ سورةَ الإخلاص قد سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنَّها تخلص الإخبار عن الله، أي: تُمَحِّضه وتُبَيِّنه. وبها يُخلص قارئها التوحيد ويتخلى عن الشرك. وتخلص السورة صاحبها يوم القيامة من العذاب أو من الخلود في النار.

وقد ذكر الحافظ ابنُ حجر رحمه الله سببَ تسميتها بسورة الإخلاص، وبَيَّن لماذا تعدل ثلث القرآن؟ فقال: «عادَلَت ثُلُثَ القرآن؛ لأن القرآن خبر وإنشاء، والإنشاء: أمر ونهي وإباحة. والخبر خبر عن الخالق، وخبر عن خلقه؛ فَأَخْلَصَت سورةُ الإخلاص الخبرَ عن الله، وخلَّصَتْ قارئَها من الشِّرك الاعتقادي» (٢).

وكذلك قال العلَّامة ابن القَيِّم -رحمه الله-: «ولهذا كانت سورة الإخلاص تعدل ثلثَ القرآن؛ لأنها أخلصت الإخبارَ عن الرب تعالى وصفاته، دون خلقه وأحكامه وثوابه وعقابه» (٣).

ودليل ذلك: ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُردِّدها، فلما أصبح جاء إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له- وكأن الرجل يتقالُّها- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنها لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن» (٤).

وروى أبو الدَّرْدَاء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أَيَعْجِزُ أحدُكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟». قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: «{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن» (٥).


(١) «شرح الواسطية» لابن عثيمين (ص ١٢٧).
(٢) «فتح الباري» (٩/ ٦١).
(٣) «مختصر الصواعق» (ص ١٢٥).
(٤) أخرجه البخاري في مواضع: (٥٠١٣)، و (٦٦٤٣)، و (٧٣٧٤).
(٥) أخرجه مسلم (٨١١).

<<  <   >  >>