للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسمائه وصفاته، وحينئذ فيُطلق المعنى لمطابقته لها دون اللفظ، ولا سِيَّما إذا كان مجملًا أو منقسمًا أو مما يُمدح به غيره، فإنه لا يجوز إطلاقه إلا مقيدًا، وهذا كلفظ الفاعل والصانع، فإنه لا يُطلق عليه في أسمائه الحسنى إلا إطلاقًا مقيدًا كما أطلقه على نفسه كقوله: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}، {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ}، وقوله: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}، فإن اسم (الفاعل) و (الصانع) مُنقسم المعنى إلى ما يُمدح عليه ويذم، فلهذا المعنى لم يجئ في الأسماء الحسنى (المريد)، كما جاء فيها (السميع) (البصير)، ولا (المتكلم، الآمر، الناهي)؛ لانقسام مُسَمَّى هذه الأسماء، بل وصف نفسه بكمالاتها وأشرف أنواعها.

ومِن هنا يعلم غَلط بعض المتأخرين وزَلَقه الفاحش في اشتقاقه له سبحانه مِنْ كلِّ فعل أخبر به عن نفسه اسمًا مطلقًا، وأدخله في أسمائه الحسنى؛ فاشتق منها اسم (الماكر، والمخادع، والفاتن، والمضل)؛ تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا» (١).

وقال رحمه الله: «وما كان مُسَمَّاه مُنقسمًا إلى كامل وناقص وخير وشَرٍّ- لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى؛ كـ (الشيء والمعلوم)، ولذلك لم يُسَمَّ بالمريد ولا بالمتكلم، وإن كان له الإرادة والكلام؛ لانقسام مسمى (المريد) و (المتكلم)، وهذا مِنْ دقيق فقه الأسماء الحسنى؛ فتأمله، وبالله التوفيق» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأمَّا تَسميته- سبحانه- بأنَّه مُريد وأنه متكلم، فإن هذين الاسمين لم يَرِدَا في القرآن ولا في


(١) انظر: «تيسير العزيز الحميد» (ص ٥٧٢، ٥٧٣).
(٢) «مدارج السالكين» (٣/ ٤١٥، ٤١٦).

<<  <   >  >>