للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسماء الحسنى المعروفة، ومعناهما حقٌّ، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يُدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسُّنَّة، وهي التي تَقتضي المدح والثناء بنفسها، والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك هي في نفسها صفات مدح، والأسماء الدالة عليها أسماء مدح، وأمَّا الكلام والإرادة فلما كان جِنسه ينقسم إلى محبوب؛ كالصِّدق والعدل، وإلى مَذموم كالظلم والكذب، والله تعالى لا يُوصف إلا بالمحمود دون المذموم- جاء ما يُوضح به من الكلام والإرادة في أسماء تخصُّ المحمود؛ كاسمه (الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرءوف والحليم والفتَّاح) ونحو ذلك.

فلهذا لم يَجِئ في أسمائه الحسنى المأثورة: (المتكلم المُريد)» (١).

وقال رحمه الله: «إنَّ الله- سبحانه- له الأسماء الحسنى، كما سَمَّى نفسه بذلك، وأنزل كُتَبه، وعَلَّمه مَنْ شاء مِنْ خلقه كاسمِّه (الحق) و (العليم)، و (الرَّحيم) و (الحكيم) و (الأَوَّل) و (الآخِر) و (العَلِي) و (العظيم) و (الكبير)، ونحو ذلك.

وهذه الأسماء كلها أسماء مَدح وحَمد تَدل على ما يُحمد به، ولا يكون معناها مذمومًا، والله له الأسماء الحسنى، وليس له مَثَل السَّوْء قَطُّ؛ فالأسماء التي فيها عموم وإطلاق لما يُحمد ويُذم لا توجد في أسماء الله الحسنى؛ لأنها لا تدلُّ على ما يُحمد الرب ويُمدح؛ فالإرادة إذا أُخذت مطلقًا، وقيل: (المريد)؛ فالمريد قد يُريد خيرًا، يحمد عليه، وقد يُريد شرًّا يُذم عليه، وإذا أُخذ الكلام وقيل: (متكلم)؛ فالمتكلم قد يتكلم بصدقٍ وعدل، وقد يتكلم بكذب وظلم، ولذلك لم تُذكر مُطلقة» (٢).


(١) «شرح الأصفهانية» (ص ٥) باختصار.
(٢) «نقض تأسيس الجهمية» (٢/ ١٠، ١١) بتصرف.

<<  <   >  >>