للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: باب الأفعال أوسعُ من باب الأسماء:

وأمَّا إذا كان الاسم مشتقًّا مِنْ أفعاله القائمة به، فإن كان الفعل ورد مُقَيَّدًا فإنَّه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدًا أن يُشتق له منه اسم مُطلق، كما غَلط فيه بعضُ المتأخرين؛ فجعل من أسمائه الحسنى (المُضَل، الفاتن، الماكر)؛ تعالى الله عن قوله، فإنَّ هذه الأسماء لم يُطلق عليه سبحانه منها إلا أفعالًا مخصوصة معينة، فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة، والله أعلم» (١).

قال ابن القيم رحمه الله: «الفعل أوسع من الاسم، ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالًا لم يَتَسَمَّ منها أسماء الفاعل؛ كـ (أراد، وشاء، وأحدث)، ولم يُسَمَّ بـ (المريد والشائي والمحدث)، كما لم يسم نفسه بـ (الصَّانع والفاعل والمُتقن)، وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه؛ فبابُ الأفعال أوسع مِنْ باب الأسماء، وقد أخطأ- أقبح خطإ- مَنْ اشتق له مِنْ كل فعل اسمًا، وبلغ بأسمائه زيادة على الألف فسَمَّاه (الماكر، والمخادع، والفاتن، والكائد)، ونحو ذلك» (٢).

وقال الشيخ حافظ حَكَمي: (اعلم أنه قد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله عز وجل على نفسه على سَبيل الجزاء والعدل والمُقابلة، وهي فيما سِيقت فيه مدح وكمال، لكن لا يجوز أن يُشتق له تعالى منها أسماء، ولا تُطلق عليه في غير ما سِيقت فيه من الآيات؛ كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُم}، وقوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ}، وقوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}،


(١) «بدائع الفوائد» (١/ ١٦١).
(٢) «مدارج السالكين» (٣/ ٤١٥).

<<  <   >  >>