للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصفات إنما هي مأخوذة من قولهم في دليل حدوث العالم (١)، الذي أثبتوا فيه حدوث العالم بحدوث الأجسام وهذا دليل قد بين الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر: أنه دليل محرم في شرائع الأنبياء، ولم يستدل به أحد من الرسل ولا أتباعهم (٢)، فهي بهذا طريق يحرم سلوكها لما فيها من لخطر والتأويل، وما يلزم عليها من لوازم باطلة؛ لأنها مستلزمة لنفي الصانع بالكلية، وهي مستلزمة لنفي صفاته، ونفي أفعاله، ونفي المبدأ والمعاد، فهذه الطريق لا تتم إلا بنفي سمع الرب، وبصره، وقدرته، وحياته، وإرادته، وكلامه، فضلاً عن نفي علوه على خلقه، ونفي الصفات الخبرية من أولها إلى آخرها، فلو صحت هذه الطريقة لنفت الصانع، وأفعاله، وصفاته، وكلامه، وخلقه للعالم، وتدبيره له، وما يثبته أصحاب هذه الطريقة من ذلك لا حقيقة له، بل هو لفظ لا معنى له، وبهذه الطريقة قالت الجهمية بفناء الجنة والنار، وأن الله بذاته في كل مكان، وقال إخوانهم: إنه ليس داخل العالم، ولا خارج العالم، وقالوا بخلق القرآن، إلى غير ذلك من اللوازم الباطلة (٣).

وأما قولهم: بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء.

فهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها.

أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد، فقال تعالى {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ


(١) انظر الكلام على دليل حدوث العالم في: مجموع الفتاوى ١٣/ ١٥٣.
(٢) انظر كتاب: رسالة أهل الثغر ص ١٦٤ - ١٧٢ تحقيق عبدالله شاكر الجنيدي، رسالة ماجستير من قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية.
(٣) مختصر الصواعق ١/ ٢٥٦، ٢٥٧، ودرء تعارض العقل والنقل ١/ ٣٨ - ٤٠.

<<  <   >  >>