للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأئمتها فلا بد أن يقع في بدعة قولية أو عملية، فإن السائر إذا سار على غير الطريق المهيع فلا بد أن يسلك بنيات الطريق، بخلاف الطريق المشروعة في العلم والعمل، فإنها أقوم طريق ليس فيها عوج، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وخط خطوطاً عن يمينه وشماله ثم قال: ((هذه سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣])) (١).

ومعلوم أن الضلال والتهوك إنما استولى على كثير من المتأخرين بنبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من البينات والهدى، وتركهم البحث عن طريقة السابقين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، والتماسهم علم معرفة الله ممن لم يعرف الله (٢).

ولقد كان من نتاج ذلك البعد والإعراض الذي وقع فيه هؤلاء المبتدعة إلحادهم في أسماء الله الحسنى، بنوعيه الجلي الواضح والخفي غير المباشر معاندة ومشاقة لقوله تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف ١٨٠].

فمسألة أسماء الله مع وضوحها وجلائها في النصوص، مع ذلك لم تسلم من إلحاد المعطلة على اختلاف طوائفهم (٣)، فأحببت


(١) رواه أحمد (٤٤٣٧).
(٢) الفتوى الحموية ص ٦.
(٣) المعطلة ينقسمون إلى: فلاسفة وأهل الكلام.
أما الفلاسفة فينقسمون إلى:
أهل فلسفة محضة كالفارابي والكندي.
وإلى أهل فلسفة باطنية.
وأهل الفلسفة الناطنية ينقسمون إلى:
رافضية إسماعلية كابن سينا وإخوان الصفا.
وإلى صوفية اتحادية كابن عربي وابن سبعين.
أما أهل الكلام فهم الجهمية والمعتزلة والكلابية
والأشاعرة والماتريدية.
أما مسالك التعطيل فتنقسم إلى قسمين هما:
المسلك الأول: مسلك التبديل (تبديل المعاني). وينقسم إلى مسلك الوهم والتخييل (الفلاسفة).
ومسلك التحريف والتأويل (أهل الكلام) وهم من يزعم أن المراد خلاف مدلول الظاهر وينبغي علم ذلك المراد عما سوى الله.
وأما المسلك الثاني: فمسلك التجهيل (أي من يزعم الجهل معانيها) وهم ينقسمون إلى قسمين:
فهناك قسم يزعم أن المراد خلاف مدلول الظاهر، وينفي علم ذلك المراد عما سوى الله.
وهناك من يزعم أنها تجرى على ظاهرة، ومع ذلك لا يعلم تأويلها إلا الله.

<<  <   >  >>