ويُوضِّح الشيخ خليل هراس ذلك التقسيم فيقول:«يُقَسِّم المناطقة دلالة اللفظ الموضوع لمعنى إلى ثلاثة أقسام: مطابقة. وتضمُّن. والتزام، وذلك لأنَّه إن قُصد باللفظ الدلالة على تمام المعنى فمطابقة؛ لتطابق اللفظ والمعنى، أي: توافقهما. وإن قُصد به الدلالة على جزء ذلك المعنى فتضمُّن؛ لأن ذلك الجزء داخل في ضمن المعنى الموضوع له، وإن قُصِد به الدلالة على لازم ذلك المعنى فالتزام. وهذا التقسيم جارٍ في دلالة الأسماء الحسنى على معانيها؛ فكلٌّ منها يدل بالمطابقة على مجموع الذات والصفة التي اشتُّق منها؛ فعليم دالٌّ بالمطابقة على ذاتٍ ثَبَت لها العِلم، وحيٌّ دال بالمطابقة على ذات وحياة، وهكذا.
وأمَّا دلالته على الذات وحدها أو على الصفة وحدها فتضمُّن؛ لأن كلًّا منهما جزء لمعنى الاسم داخل في ضمنه. وأما دلالته على صفة للذات غير الصفة التي اشتق هو منها فدلالة التزام قريب من متناول العقل» (١).
وقد بَيَّن الله ذلك في قوله:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[الطلاق: ١٢].
فالخالق لا يمكن أن يخلق إلا وهو يعلم كيف سيخلق، والخالق لا يمكن أن يخلق إلا وهو قادر على أن يخلق، ونحن نعلم أنه لو أراد أحد أن يصنع شيئًا وهو لا يَعلم، فإنه لا يستطيع، ولو كان يعلم ولا يريد فإنه كذلك لا يستطيع.
إذًا فكلمة (خالق) تدل على ذات خالقة، وتدل على (خلق)، وتدل على (علم)، وتدل على (قدرة)، فدلالتها على ذات الخالق وعلى الخلق «دلالة
(١) «شرح القصيدة النونية لابن القيم» (٢/ ١٢٤)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤١٥ هـ.