عن ربه:((إنما أتقبَّل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي -يعني: لم يتكبر على خلقي- ولم يبت مصرًّا على معصيتي، وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب)).
والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي أولًا غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات، وقد نصَّ القرآن الكريم على الغاية من إخراج الزكاة بقوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}(التوبة: ١٠٣) فتنظيف النفس من أدران النقص، والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل هو الحكمة الأولى.
ومن أجل ذلك وسَّع النبي -صلى الله عليه وسلم- في دلالة كلمة الصدقة التي ينبغي أن يبذلها المسلم فقال:((تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة)) يعني: الرجل الأعمى لما تهديه تكون أنت مبصرًا له هذه صدقة.
وهذه التعاليم في البيئة الصحراوية التي عاشت دهورًا على التخاصم والنزق تشير إلى الأهداف التي رسمها الإسلام.
وكذلك شرَع الإسلام الصوم، فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة، بل اعتبره خُطوة إلى حرمان النفس دائمًا من شهواتها المحذورة، ونزواتها المنكورة، وإقرارًا لهذا المعنى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم:((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))، وقال -عليه الصلاة والسلام: ((ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك