ولنعد إلى أهم حديث في النية: والذي ابتدأ به الإمام البخاري كتابه الصحيح ألا وهو حديث: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه)) ولأهمية هذا الحديث سأتناوله بالشرح بالتفصيل.
المعنى العام للحديث:
في هذا الحديث يبين لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن الله مطلع على النوايا، وخبايا النفوس لا تخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء وأنه -سبحانه وتعالى- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم، وكل امرئ له ما نواه، وإن أعظم حدث في تاريخ الإسلام ألا وهو الهجرة من مكة إلى المدينة، وترك الولد والوطن، والمال إذا لم يكن ذلك بدافع من ضمير المسلم حبًّا في نصرة دين الله، وهجرة إلى مكان يمكن فيه أن يعبد الله، وأن يجهر بدعوته، أي: أن الهجرة تكون خالصةً لله ولرسوله إذا لم تكن كذلك؛ فلا قيمة لها ((فمن كانت هجرته إلى دنيا)) أي: إلى الحصول على متاع رخيص من مُتَعِ الدنيا فهجرته إلى دنياه التي هاجر من أجلها، ومن كانت هجرته من أجل امرأة يريد أن يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه، ولا شيء له في فضلِ الله ورضوانه.
قال الله تعالى:((أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ فمن عمل عملًا وأشرك فيه معي غيري تركته، وشريكه)) فمن عمل عملًا، وأشرك فيه غير الله باء ذلك العمل