هاجر بعد الفتح لا يكون كالمهاجرين السابقين على الفتح، ولا يأخذ حكم المهاجرين.
أما الفرار من بلاد الظلم إلى بلاد العدل، والإيمان فباقيةُ إلى قيام الساعة، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}(النساء: ٩٧) وأما هجرة الذنوب والمعاصي فباقية أيضًا إلى قيام الساعة قال -صلى الله عليه وسلم-: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانِهِ ويدهِ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) دنيا بضم الدال.
وحكى ابن قتيبة كسرها فقال:"دنيا" وهي فعلى، وفعلى من الدنو، وهو القرب سميت بذلك لسبقها للأخرى، وقيل: سميت بذلك لدنوهَا إلى الزوال. واختلف في حقيقتها، فقيل: الدنيا ما على الأرض من الضوء، والجو وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض، والأولى هو الأول، لكن يزاد فيه قبل قيام الساعة.
يصيبها، أي: يحصلها؛ لأن تحصيلها كإصابة الغرض بالسهم، بجامع حصول المقصود في كلٍّ، أو امرأة بعد أن تكلم عن الدنيا نص على المرأة ليبين الاهتمام بشأنها؛ فالتنصيص عليها من الخاص بعد العام، ويكون للاهتمام بالشيء ونكتة الاهتمام بها زيادة التحذير؛ لأن الافتتان بالمرأة أشد فهجرته إلى ما هاجر إليه مقابل فهجرته إلى الله ورسوله؛ فأظهر في فهجرته إلى الله، ورسوله؛ لقصده الالتذاذ بذكر الله تعالى.
وذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعظم شأنهما وشأن هذه الهجرة التي كانت لله ولرسوله وأضمر في الهجرة الثانية الهجرة من أجل الدنيا والمرأة أضمر فقال:((فهجرته إلى ما هاجر)) إليه. أي: إلى ما هاجر إليه من الدنيا