للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شئون المال بنبوته وتقواه فحسب، بل بحفظه وعمله أيضًا {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف: ٥٥).

وأبو ذر لما طلب الولاية لم يره الرسول -صلى الله عليه وسلم- جلدًا لها؛ فحذره منها، والأمانة تقضي بأن نصطفي للأعمال أحسن الناس قيامًا بها، فإذا ملنا عنه إلى غيره لهوى أو رشوة أو قرابة فقد ارتكبنا بتنحية القادر وتولية العاجز خيانة فادحة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من استعمل رجل على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين)) الحديث رواه الحاكم.

وعن يزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال: قال لي أبو بكر الصديق حين بعثني إلى الشام: يا يزيد إن لك قرابة عسيت أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أكثر ما أخاف عليك بعد ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ولي من أمر المسلمين شيئًا فأمر عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدل ً احتى يدخله جهنم)) الحديث رواه الحاكم أيضًا.

والأمة التي لا أمانة فيها هي الأمة التي تعبث فيها الشفاعات بالمصالح المقررة، وتطيش بأقدار الرجال لأكفاء لتهملهم وتقدم من دونهم، وقد أرشدت السنة إلى أن هذا من مظاهر الفساد الذي سوف يقع آخر الزمان؛ جاء رجل يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متى تقوم الساعة؟ فقال له - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)) فقال الرجل: وكيف إضاعتها؟ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا وسد - يعني أسند - الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) رواه البخاري.

ومن معاني الأمانة؛ أن يحرص المرء على أداء واجبه كامل ً افي العمل الذي يناط به، وأن يستنفد جهده في إبلاغه تمام الإحسان، أجل إنها لأمانة يمجدها الإسلام؛ أن يخلص الرجل لشغله، وأن يعنى بإجادته، وأن يسهر على حقوق

<<  <   >  >>