فهو من الأخلاق الكريمة الفاضلة؛ أي أن العدل في ال ميزان ومراعاة حق الله تعالى في الوزن والمكيال وعدم التطفيف؛ أي الزيادة أو النقصان في الميزان، الزيادة عندما يزن لنفسه، والنقصان عندما يزيد لغيره هذا لون من ألوان الظلم نهت عنه كل الشرائع، وجاء الإسلام فأكد على ذلك النهي؛ فمن أوائل سور القرآن نزول ً افي مكة سورة " الرحمن " وفيها أكد الحق - سبحانه وتعالى - على ذلك الأمر، ونادى على خلقه بأن يزنوا بالقسط والعدل ولا يخسروا الميزان، وأن الله تعالى وضع ميزانًا لخلقه حتى لا يظلم بعضهم بعضًا، ولا يأكلون أموالهم بينهم بالباطل؛ قال تعالى:{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}(الرحمن: ٧ - ٩).
ومن السور المكية أيضًا سورة " الأنعام " وقد جاء فيها التأكيد على أن يكون الكيل أو المكيال وكذلك الوزن بالقسط؛ أي بالعدل؛ قال تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(الأنعام: ١٥٢).
والناظر في كتاب الله تعالى سيجد لأهمية هذا الأمر أن الحق - سبحانه وتعالى - أنزل سورة من سور القرآن الكريم تحمل عنوان عدم القسط في الوزن والكيل تسمى سورة " المطففين " وبينت آيات السورة الكريمة شناعة هذا الأمر، وأن فاعله له الويل والثبور؛ قال تعالى:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(المطففين: ١ - ٦).
والتطفيف للكيل أن يكون للتاجر صاعان؛ صاع ي ُ عطي به وصاع يأخذ به؛ فالذي ي ُ عطي به ناقص والذي يأخذ به فيه زيادة.