ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القسط في الميزان؛ أي العدل، وإذا وزن المسلم للناس عليه أن يرجح الميزان، ولا يحيف على الناس في المكيال؛ روى الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم وابن حبان بإسناد صحيح عن سويد بن قيس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((زن وأرجح)).
وروى الطبراني بسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين - أي بالفقر -)) ففي هذه الحديث أعلن الصادق -صلى الله عليه وسلم- أن التطفيف في الكيل والميزان عقابه وخيم وعذابه أليم، وأن عقابه في الدنيا يقع قبل الآخرة؛ فهو سبب من أسباب القحط ومنع الرزق وضياع البركة من الأرض.
والشرائع السابقة كما ذكرنا سابقًا دعت إلى ما دعا إليه الإسلام من القسط والعدل في الوزن وعدم التطفيف في الكيل، وهذا نبي الله شعيب - عليه السلام - ينادي على قومه بألا يخسروا الميزان؛ يأتي ذلك في القرآن الكريم في أكثر من موضع قال تعالى في سورة " الأعراف ": {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}(الأعراف: ٨٥).
وفي سورة " الشعراء " يقول الحق - سبحانه وتعالى - على لسان شعيب - عليه السلام - {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}(الشعراء: ١٨١ - ١٨٣).