للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الصنف من الأذناب الكاذبة أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمطاردتهم حتى يرجعوا عن تجويرهم بوجوه عفرها الخزي والحرمان؛ عن أبي هريرة قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نحثو افي وجوه المداحين التراب. رواه الترمذي، وقد ذكر شراح الحديث أن المداحين المعنيين هنا هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة يستأكلون بها الممدوح؛ فأما من مدح على الأمر الحسن والفعل المحمود ترغيبًا في أمثاله وتحريضًا للناس على الاقتداء به فليس بمداح، وليس مدحه ممقوت.

والحدود التي يقف عندها المسلم، ويخرج بها من تبعة الملق والمبالغة وينفع بها ممدوحه فلا يذله إلا العجب والكبرياء قد بينها النبي الحكيم فعن أبي بكرة قال: أثنى رجل على رجل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له - عليه الصلاة والسلام -: ((ويحك قطعت عنق صاحبك)) قالها ثلاثًا، ثم قال - عليه الصلاة والسلام -: ((من كان مادحًا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانًا والله حسيبه، ولا يزكي على الله أحد، أحسب فلانًا كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه)).

والتاجر قد يكذب في بيان سلعته وعرض ثمنها، والتجارات عندنا تقوم على الطمع البالغ، البائع يريد الغلو والشاري يريد البخس، والأثرة هي التي تسود حركات التبادل في الأسواق والمحال، وقد كره الإسلام هذه المعاملة الجشعة، وما يشوبها من لغو ومراء؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا البيعان وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما فعسى أن يربحا ربحًا ما ويمحق بركة بيعهما)) وفي رواية: ((محقت بركة بيعهما)) اليمين الفاجرة في حديث آخر ((اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب)).

ومن المشترين رجال يقبلون على الباعة وهم قليلو الخبرة سريعو التصديق لما يقال لهم، فمن الإيمان ألا تستغل س ذ اجتهم في كسب مضاعف أو تغطية عيب، قال

<<  <   >  >>