صدق العمل كبيرة سبقت سبقًا بعيدًا، وإلا سقطت في عرض الطريق، فإن التهريج والخبط والادعاء والهزل لا تغني فتيل ً اعن أحد؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر)) الحديث.
إن الفجور الذي هدى إليه إدمان الكذب هو المرحلة الأخيرة لضياع النفس وضياع الإيمان، روى مالك عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب فينكت في قلبه سوداء حتى يسود قلبه؛ فيكتب عند الله من الكذابين))، ويحيق به قول الحق في كتابه {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ}(النحل: ١٠٥).
وأما البر الذي هدى إليه الصدق فهو قمة الخير الذي لا يرقى إليها إلا أولو العزم من الرجال، وحسبك فيه هذه الآية الجامعة؛ وهي قول الحق - سبحانه وتعالى -: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ}(البقرة: ١٧٧).
هذا وبالله التوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.