وقال الشيخ محمد أنور الكشميري: واعلم أن الحديث تكلموا عليه قديمًا وحديثًا وهو من أساس الدين حتى روي عن الشافعي -رحمه الله تعالى- أنه يدخل فيه نصف العلم. وروي عن أحمد -رحمه الله تعالى- أنه ثلث الإسلام، أو ثلث العلم، وقيل: ربعه كما قيل:
عمدةُ الخيرِ عندنا كلمات ... أربع قالهن خيرُ البرية
اتق الشبهات وازهد ... ودع ما ليس يعنيكَ واعملن بنية
ثم قال: ونسبهما علي القاري -رحمه الله تعالى- إلى الإمام الشافعي أي: هذه الأبيات -رحم الله الجميع- وهو سهو من الشيخ علي القاري، بل هما لشاعر آخر، كما علم ذلك من (شروح عقود الجمان) للسيوطي -رحمه الله تعالى.
ما يؤخذ وما يستفاد من هذا الحديث:
هذا الحديث فيه فوائد كثيرة منها: يجب أن يكون العمل خالصًا لله تعالى فالله -سبحانه وتعالى- أغنى الشركاء عن الشرك؛ فمن عمل عملًا أشرك فيه غير الله تركه الله وشريكه قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة}(البينة: ٥) وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}(الزمر: ١١).
الفائدة الثانية: النية ركن في الأعمال، فأي: عمل لا يبتدئ بالنية، وتصاحبه النية إلى نهايته، فهو عمل باطل ومردود على صاحبه.
الفائدة الثالثة: أن الإنسان مجزي، ومحاسب على ما يقدمه، قال تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَ}(الزلزلة: ٧، ٨)، وقال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}(الأنبياء: ٤٧).