يقتضي منه ألا يكون مستكبرا، فهو مع فقره يستكبر على الناس فدل الكبر هنا على أنه شيء تأصل فيه، وأنه بالغ في ذلك الوصف حتى نسي نفسه ونسي أنه فقير محتاج.
وأبان الله -تبارك وتعالى- أنه لا يؤمن بآيات الله عند تذكيره بها إلا الذين يخضعون لربهم، ويسبحون بحمده، وهم لا يستكبرون؛ فلا يمنعهم كبر في صدورهم عن الخضوع لله والتسبيح بحمده، فالمتكبر هو الذي يأنف أن يسجد لله، ويتكبر على أن يحمد الله، هذا المتكبر لا يأمن بآيات الله إذا ذكر بها؛ قال تعالى:{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(السجدة: ١٥، ١٦) صدق الله العظيم، فدل بهذا على أن عامل الكبر أخطر العوامل الصارفة عن الإيمان بالله وبآياته.
وأثنى الله تعالى على الملائكة بأنهم لا يستكبرون عن عبادة ربهم؛ فقال -تبارك وتعالى- في سورة "الأعراف": {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}(الأعراف: ٢٠٦)، وقال تعالى في سورة "النحل": {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(النحل: ٤٩، ٥٠) فأظهر وصف هنا في هذه الآيات للملائكة أنهم وصفوا بأنهم غير متكبرين، لا يستكبرون عن عبادة الله، ولا عن الخضوع والسجود لله، فهم متواضعون وهكذا يجب أن يكون شأن المسلم.
وروى مسلم في (صحيحه) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبه من خردل من إيمان، ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)) فدلت هذه الأقوال النبوية على أن