جارية تقول لأبيها: يا أبت أتمشي الخيل على أعقابها؟ قال: وما ذاك يا بنية؟ قالت: لقد رأيت فرساً تمشي على عقبها، قال: يا بنية نامي، أبغض الفتاة تكون كلوء العين بالليل - ورجع مالك إلى الزبان فاخبره الخبر، فأغار عليهم فقتل منهم فيما يذكر نيفاً على أربعين رجلا، منهم أبو محياة بن زهير بن تميم، وأصاب فيهم جيراناً لهم من بني يشكر ثم من بني غبر بن غنم، فقال في ذلك مرقش أخو بني قيس بن ثعلبة (١) :
أتاني لسان بني عامر ... فجلت أحاديثهم عن بصر
بان بني الوخم ساروا معاً ... بجيشٍ كضوء نجوم السحر
فلم يشعر القوم حتى رأوا ... بريق القوانس فوق الغرر
ففرقتهم ثم جمعنهم ... واصدرنهم قبل غب الصدر
فيارب شلوٍ تخطرفنه ... كريمٍ لدى مزحفٍ أو مكر أي أخذته باقتدار في سرعة، والشلو بقية البدن، وقد جعلوه البدن.
وآخر شاصٍ ترى جلده ... كقشر القتادة غب المطر
فكائن بحمران من مزعفٍ ... ومن خاضعٍ خده منعفر المزعف: المذرأ عن فرسه، الشاصي: الرافع رجله.
فكأن الزبان قذف جيفهم في الاقطانتين، وهي ركية، فقال السفاح التغلبي:
أبني أبي سعد وأنتم إخوة ... وعتاب بعد اليوم شيء افقم
هلا خشيتم أن يصادف مثلها ... منكم فيترككم كمن لا يعلم
ملأوا من الاقطانتين ركيةً ... منا وآبوا سالمين وغنموا
(١) الأبيات في جمهرة العسكري ١: ١٣٦ وهي المفضلية رقم: ٥٢ والأغاني ٦: ١٢٧ - ١٢٨.