للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنذر فأتاه فأخذ برداً كان عليه، ثم أتى الحارث فأخبره أنه قتله وهذا برده، وكان ابن العيف العبدي في الأسراء، فقال له الحارث بن جبلة حين رآه: أتتك بحائن رجلاه (١) فأرسلها مثلاً. ثم قال له: إنه بلغني ما قلت، فاختر مني إحدى ثلاث خلال: إما أن اطرحك في جب فيه الأسد قد ضري وجوع فتمكث معه ليلة، أو ارمي بك من رأس طمار - يعني جبل دمشق، فان نجوت نجون وإن هلكت هلكت، أو يضربك الدلامس (٢) - سيافه الذي يقوم على رأسه، وهو أعظم الرجال وأشدهم - بعمود له من حديد ضربة فان نجوت وإن هلكت هلكت، فنظر في أمره فكره الأسد، وكره أن يلقى من رأس الجبل، واختار أن يضربه الدلامس تلك الضربة، فضربه على منكبه فدق منكبه ووركه، ثم أمر به فألقى، فاحتسب عليه راهب فداواه حتى بريء وهو مخبل (٣) .

- ٣٩ -

كان امرؤ القيس بن حجر الكندي الشاعر رجلاً مفركا لا تحبه النساء ولا تكاد امرأة تصبر معه، فتزوج امرأة من طيء فابتنى بها، فأبغضته من تحت ليلته فكرهت مكانه، فجعلت تقول: يا خير الفتيان أصبحت أصبحت، فيرفع رأسه فيرى الليل كما هو، فيقول: أصبح ليل (٤) فلما أصبح قال لها: قد رأيت ما صنعت الليلة، وقد عرفت أن ما صنعت ذلك من كراهية مكاني في نفسك، فما الذي كرهت مني؟ قالت: ما كرهك، فلم يزل بها حتى قالت: كرهت منك أنك خفيف العجزة، ثقيل الصدرة، سريع الاراقة، بطيء الافاقة، فلما سمع ذلك منها قال لها هو: إنك لحديدة الركبة، سلسة النقبة، سريعة الوثبة، وطلقها، وذهب قوله: اصبح ليل مثلاً.


(١) جمهرة العسكري: ١١٩ والفاخر: ١٩١ (في قصة أخرى) والميداني ١: ١٤ والمستقصى: ١٩ واللسان (حين) والخزانة ١: ٣٢٤.
(٢) الميداني والعسكري: الدلامص.
(٣) الخبل: الاسترخاء.
(٤) اصبح ليل: في الميداني ١: ٢٧٣ والمستقصى: ٨٢ وجمهرة العسكري: ١٩٢.

<<  <   >  >>